الأربعاء، 18 مارس 2015

محمد عبد الكريم الخطابي..( أسد الريف) بقلم:الطيب أديب



من أبطال العرب:


        محمد عبد الكريم الخطابي..( أسد الريف)

                  

                         بقلم:الطيب أديب


                      *********************
 
تسابق  المستعمرون على احتلال  المغرب العربي  وعقدوا عدة اتفاقيات لتقسيمه واحتلاله ، فعندما عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة1906م قرر المؤتمرون وضع المغرب تحت الحماية الأجنبية، فاستهدفت إسبانيا شماله وجنوبه، بينما ركزت فرنسا على وسطه، أما طنجة فبقيت منطقة دولية.
وقد استبسل أبطال المغرب في التصدي للغزاة ومن هؤلاء الأبطال البطل محمد عبدالكريم الخطابي ، وهو من  أعظم أبطال المقاومة المغربية والأمازيغية في التاريخ المغربي الحديث والمعاصر.

وُلد الأمير سنة (1299هـ - 1881م) في بلدة أجدير ، وكان أبوه زعيما  لقبيلته، وحفظ القرآن الكريم صغيرا، ثم أرسله أبوه إلى جامع القرويين بمدينة فاس، فدرس العلوم الدينية،و التحق بجامعة "سلمنكا " بأسبانيا، وهناك حصل على درجة الدكتوراة في الحقوق، وبذلك جمع بين الثقافة الإسلامية وبعض النواحي من الثقافة الأوروبية، وعاد لوطنه فعُين قاضيا لمدينة مليلة التي كانت خاضعة لأسبانيا، وتأثر الأمير الشاب بمشهد رأى فيه ضابط أسباني يضرب مواطنا  أمازيغيا بالسوط في شوارع مليلة، ويستغيث ولا يغاث، عندها رأى الوجه القبيح للاستعمار، ومن يومها أدرك أن الكفاح ضد الغزاة هو خير طريق للحرية واستقلال الوطن  وطرد الغزاة.

وتميزالبطل محمد بن عبد الكريم الخطابي ببسالته في العديد من المعارك التي خاضها  ضد المحتلين الغزاة والذين جاءوا لاحتلال المغرب واستغلاله والسيطرة على ثرواته ، وقد حقق الأمير انتصارات عديدة في عدة معارك أهمها معركة( أنوال )،فعندما تولى الأمير الخطابي زعامة قبيلة " آيت ورياغل"، وقيادة المقاومة في بلاد الريف المسلمة، زحف الجنرال "سلفستر" قائد قطاع مليلية نحو بلاد الريف، واحتل بعض المناطق دون مقاومة تُذكر، واحتل مدينة أنوال، وتقدم اثني عشر ميلا بعدها؛ فظن أن قبائل بني ورياغل خضعت له، ولم يدرِ أن الأمير الثائر أراد أن يستدرجه إلى المناطق الجبلية ليقضي عليه تماما، وأنه ادخر رجاله لمعركة فاصلة.
 وبلغ عدد الجيش الأسباني بقيادة "سلفستر" نحو 24 ألف جندي استطاع أن يصل بهم إلى جبل وعران قرب أجدير مسقط رأس الأمير، وعندها قام الخطابي بهجوم معاكس في (25 شوال 1339هـ - 1 يوليو 1921م) استطاع خلاله أن يخرج الأسبان من أنوال، وأن يطاردهم حتى لم يبق لهم سوى مدينة مليلة،وتمكن المقاومون البواسل من قتل و أسر معظم الجيش الأسباني بما فيهم "سلفستر" نفسه الذي انتحر هروبا من الهزيمة. واعترف الأسبان أنهم خسروا في تلك المعركة 15 ألف قتيل و570 أسيرا ،  واستولى المجاهدون على 130 موقعا من المواقع التي احتلها الأسبان، وحوالي 30 ألف بندقية، و129 مدفعَ ميدان، و392 مدفعا رشاشا.
  ولم يوسع البطل  عبد الكريم الخطابي عملياته إلى مليلية المحتلة، لأنه فضل تنظيم صفوفه وتحصين مواقعه وعدم الاستعجال للمحافظة على انتصاره. وتمكن الأسبان من حشد ستين ألف مقاتل، وقاموا بهجوم معاكس في (10محرم 1340هـ -12 سبتمبر 1921م)، لاستعادة بعض ما فقدوه، وبلغ مجموع القوات الأسبانية في ذلك العام ببلاد الريف أكثر من 150 ألف مقاتل، ورغم ذلك أصبح وجود الأسبان مقصورًا على مدينة تطوان والموانئ وبعض الحصون في الجبالة، أما المجاهدون الأمازيغ فقد سيطروا على معظم بلاد الريف. وبعد الانتصار العظيم الذي حققه الخطابي في أنوال ذاعت شهرته في بلاد الريف وخارج بلاد مملكة المغرب حتى وصلت أصداء انتصاراته إلى الصين شرقا  وأميركا غربا . وأعلن الأمير الخطابي جمهورية مستقلة تحت اسم جمهورية الريف. وأرسل وفودا رسمية إلى بريطانيا وفرنسا للتعريف بالجمهورية وإقامة علاقات دبلوماسية. كما صك عملة أسماها  "ريفان " وشجع الأجانب وخصوصا البريطانيين على تعاطي التجارة مع بلاد الريف.
وتوالت انتصارات المجاهدين بقيادة الخطابي على قوات التحالف الأسباني الفرنسي ، إلا أن الغزاة استخدموا الخديعة وتأليب السلطان عليه حتى قبضوا عليه ونفوه  هو وأسرته وبعض رفاقه إلى جزيرة "ريونيون "النائية في المحيط الهادي وظل هناك لما يقرب من عشرين عاما . 
وفي العام (1367هـ - 1947م) قررت فرنسا نقل الخطابي وأسرته إليها لتتجنب مطالبته الدائمة بالاستقلال المغربي، ولكن عندما وصلت الباخرة التي تقله إلى ميناء بورسعيد، التجأ إلى السلطات المصرية، فرحبت مصر  ببقاء هذا الزعيم الكبير في أراضيها، واستمر بها حتى وفاته في (1382هـ - 1963م).



==============================
من مجموعة: (من أبطال العرب)-مصورة للأطفال والناشئة –صدرت عن شركة جنى للنشرالقاهرة 2011م.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق