الاثنين، 16 مارس 2015

"الحصان و الثعلب الذكي" قصة للأطفال –تأليف: الطيب أديب




                      "الحصان و الثعلب الذكي"
                             قصة للأطفال –تأليف: الطيب أديب


                                    *************

 كلما انهمرت الأمطار على أرض الغابة ازدهرت ونمت ودبت فيها الحياة .. الحيوانات تقفز هنا وهناك فرحة بالماء والأشجار الجميلة التي تزين أرجاء الغابة وتفيض بخيراتها الوفيرة على كل  الحيوانات المتعاونة في جمع غذائها والمحافظة على صفاء مائها ، ونظافة مسكنها .. وفي أحد المواسم تأخرت الأمطار ولم تسقط فعم الجفاف أرجاء الغابة، وبدت الحيوانات هزيلة لا تجد ما يسد رمقها من الغذاء والماء  الذي نضب فبدت في حيرة من أمرها ، قال الثعلب : سنموت عطشا وجوعا إن لم ينزل المطر فماذا أنتم فاعلون يا أصدقائي ..؟
قال الحصان :لابد من التعاون معا لإنقاذ الحيوانات من الهلاك، ما رأيكم لو تعاونا جميعا وتركنا صراعاتنا الداخلية لنجد حلا و نعيش في سلام .
قال الأسد : مبادرة رائعة ،فكروا جيدا لإنقاذنا من الهلاك ..!
وما كاد الأسد ينهي حديثه حتى فطن الثعلب الذي ظل يحك رأسه للحظات ، بعدها قال : عندي فكرة ما رأيكم في هذه المغامرة ..؟
قال الأسد : قل ياثعلب ولا تحيرنا في أمرك، ليس لدينا وقت، قل ولا تخف لقد اتفقنا ، ولك الآمان ..!
أشار الثعلب بيده إلى التل البعيد قائلا :هذا التل المرتفع يخترقه واد ضيق لكنه صعب العبور وأظنه يوصلنا إلى أرض خضراء  تدب فيها الحياة .!
قال الأسد : وما أدراك أنها أرض خضراء ..؟
قال الثعلب : بالأمس شاهدت جموع طيور مهاجرة حلقت فوقنا ، تعقبتها بعيني حتى اختفت هابطة خلف التل ..!
قال الأسد: رائع.. رائع أيها الثعلب الذكي  .. وأنت قادر على الوصول إلى هناك .. وهل تستطيع اكتشاف الأمر وحدك أم تريد مساعدة من أصدقائك ..؟
قال الحصان : أنا مستعد لمساعدة الثعلب ، فالأمر يحتاج لتعاون وتضحيات ، ولا وقت للتخاذل والكسل ..!
قال الأسد : ما أروعك أيها الحصان النبيل .. لقد فوضناكما أنت والثعلب للقيام بالمهمة الصعبة .. هل تريدا مساعدة من باقي الحيوانات ..؟
أبدى الفيل والزرافة والنمر استعدادهم للمشاركة في عبور التل، فقال الثعلب : شكرا لكم .. الأمر لايحتاج لتعبنا جميعا، سأذهب برفقة صديقي الحصان لاستكشاف الأرض الجديدة ، ونعود لكم مسرعين .. دعواتكم لنا ..!
وانطلق الحصان مع الثعلب بينما الحيوانات تودعهما معلقة عليهما الآمال .
ولما وصلا إلى  مقربة من التل، كان الثعلب قد أعياه التعب ، فقال له الحصان :اركب على ظهري ياثعلب، فأنت متعب ياصديقي .. وأنا تعودت على ركوب التلال والسير لمسافات بعيدة .. قفز الثعلب قفزة واحدة فوجد نفسه فوق الحصان وهو يشكره .
وبينما الحصان يخترق الوادي الضيق بين التل ليعبرا للجانب الآخر انهالت كومة من الصخور أمام الحصان، فقال له الثعلب : توقف ياصديقي ،هذا المكان بالغ الخطورة، فصخوره رخوة سريعة الانهيار .. وفجأة انهالت كومة أخرى على مقربة منهما .. قال الحصان : إسمع ياصديقي الثعلب : الخطورة تحيط بنا من كل مكان ، فإما المغامرة للوصول لهدفنا  فننقذ أصدقائنا من الهلاك ، وإما التراجع  فنموت جوعا وعطشا ..!
 بكى الثعلب خائفا ولكنه تغلب على خوفه متماسكا ،وهو يقول : الحياة جميلة ياصديقي الحصان.. ، ولكن ليس أمامنا مفر من المغامرة ..!
وانطلق الحصان يشق أرض الوادي  مسرعا بينما الثعلب فوقه يراقب الصخور بعينيه اللامعتين .. وما أن انتهى الحصان من عبور الوادي،حتى قال الثعلب : توجه يمينا ياصديقي .. قال الحصان : يبدو الطريق سهلا هنا ...! وفجأة ارتفع خواء الثعلب فوق ظهر الحصان قائلا : انظر ياصديقي هناك .. إنها أشجار عالية .. فرح الحصان وانطلق مسرعا ..وما إن اقتربا من الغابة الصغيرة حتى قفز الثعلب على الأرض  مسرعا مع الحصان  .. وظل يرقص ويغني بجوار بركة صافية من  المياه، بينما ارتفع صهيل الحصان يغني للحياة ..!
=============================
من مجموعة ( أرض الزيتون)-صدرت عن دار روان-القاهرة 2015م.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق