الأربعاء، 18 مارس 2015

(لالا فاطمة نسومر).."خولة جرجرة"- بقلم :الطيب أديب





من أبطال العرب:         

                                (لالا فاطمة نسومر).."خولة جرجرة"

                                     بقلم :الطيب أديب

                                   ***************



لم تقتصر حركة الكفاح ومقاومة الغزاة في بلادنا العربية على الرجال فقط وإنما برز عدد غير قليل من النساء الفارسات اللائي تصدين ببسالة للغزاة وقدن الجيوش التي ألحقت بالمستعمرين الغزاة هزائم ساحقة ومن هؤلاء المقاومات المجاهدة الجزائرية  "لا لا فاطمة نسومر "، التي ولدت سنة 1246هـ/1830م.

واسمها الحقيقي فاطمة سيد أحمد، ولقبت بـ" نسومر" نسبة إلى قرية نسومر التي كانت تقيم فيها،و لقبها الاستعمار الفرنسي بـ "جان دارك جرجرة" لكنها رفضت اللقب مفضلة لقب "خولة جرجرة" نسبة إلى "خولة بنت خويلد" المسلمة الشجاعة والمدافعة عن دينها، أما كلمة ”جرجرة" فهي جبال وعرة تتواجد بمنطقة القبائل بالجزائر.

وعلى الرغم من جمالها  وأدبها وذكائها وتصوفها و تفرغها للعبادة و التبحر في علوم الدين ، إلا أنها لم ترغب في  الزواج ،وتفرغت لتتبع أخبار ما يحدث في بلاد القبائل من معارك عديدة انتصر فيها المجاهدون على الغزاة  كمعركة  " تادمايت "التي قادها المجاهد الجزائري الحاج عمر بن زعموم ضد قوات الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال "بيجو "سنة 1844م.

و انضمت  لالا فاطمة إلى المقاومة و شاركت الشريف بوبغلة (محمد بن عبد الله) في مواجهة الجيوش الفرنسية الزاحفة بقيادة الجنرالين "روندون" و "ماك ماهون" فكانت المواجهة الأولى بربوة تمزقيده وفيها  أبديا استماتة منقطعة النظير، إلا أن عدم تكافؤ القوات عدة وعددا اضطر الشريف بوبغلة بنصيحة من فاطمة نسومر على الانسحاب إلى منطقة  بني يني ، وهناك دعيا إلى الجهاد المقدس فاستجاب لهما شيوخ الزوايا فجندوا الطلبة و المريدين و أتباعهم واتجهوا نحو ناحية واضية لمواجهة زحف العدو على قراها بقيادة الجنرالين "روندون" و "يوسف التركي "ويدعمهما "الخائن الجودي" ، فاحتدمت المعركة وهزمت  قوات العدو هزيمة نكراء، و تمكنت لالا فاطمة نسومر من قتل الخائن "الجودي "بيدها كما أنقذت المجاهد  الشريف بوبغلة  من الموت ،حينما سقط جريحا في المعركة.

وعاد " روندون " بقواته من جديد فاحتل منطقة عزازفة، واغتصب أرضها الزراعية ، وأرهب أهلها وحصن المنطقة كلها ، إلا أن قوات  لالا فاطمة واصلت  هجوماتها الخاطفة على القوات الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء و تخلجت و عين تاوريغ و توريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة و عتاد حديث، اضطرت على إثرها لا لا فاطمة إلى إعطاء الأوامر لقواتها  بالانسحاب إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لأن  قوات الاحتلال قامت  بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز و لارحمة.

وكان هذا  الانسحاب التكتيكي ناجحا تمكن المجاهدون خلاله من  تكوين فرق سريعة منهم لضرب مؤخرات العدو الفرنسي و قطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.

 ولكن الإمدادات السريعة جاءت للجيش الفرنسي  من قسنطينة وقدرت بنحو 45 ألف جندي مجهزين بأحدث الأسلحة ، في حين بلغت قوات المقاومة التي تقودها فاطمة نسومر700 مقاوم .وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين ،وعلى الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة لا لا  فاطمة نسومر إلا أن الفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين،  دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.

إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهد ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر فاعتقلتهم  جميعهم ،وقام الجنرال" روندون"  بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر و تم أسرها مع عدد من النساء.

و خوفا من تجدد الثورة بجبال جرجرة أبعدت لالا فاطمة نسومر مع 30 شخصا من رجال و نساء إلى زاوية بني سليمان بتابلاط و بقيت هناك لمدة سبع سنوات إلى أن وافتها المنية عن عمر يناهز 33 سنة ، على إثر مرض شديد  تسبب في شللها.
رحم الله المجاهدة المخلصة  لالا فاطمة نسومر و أسكنها فسيح جنانه.

===================


من مجموعة: (من أبطال العرب)-مصورة للأطفال والناشئة –صدرت عن شركة جنى للنشر-القاهرة 2011م.

هناك تعليق واحد:

  1. لالا فاطمة توفيت و دفنت في زاوية لالا فاطمة في العيساوية وليس في بني سليمان

    ردحذف