الأربعاء، 18 مارس 2015

عمر المختار .."شيخ الشهداء"- بقلم: الطيب أديب




 من أبطال العرب:

                   عمر المختار .."شيخ الشهداء" 


                                    بقلم: الطيب أديب

                        **********************

ولد عمر المختار محمد فرحات في 20 أغسطس 1861م في قرية جنزور الشرقية، بإقليم برقة شرقي ليبيا.
تربى يتيما إذ مات أبوه وهو في طريقه للحج وبعدها كفله رجل من أهل قريته  اسمه حسين الغرياني، وتلقى  عمر المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور على يد إمام الزاوية الشيخ العلامة عبد القادر بوديه أحد مشايخ الحركة السنوسية، ثم سافر إلى الجغبوب وظل  فيها ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل على كبار علماء ومشايخ السنوسية وفي مقدمتهم الإمام السيد المهدي السنوسي ، قطب الحركة السنوسية، فدرس علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى.

ظهرت عليه علامات النبوغ منذ صغره ما دفع معلموه لرعايته وتشجيعه وبصفة خاصة معلمه  السيد المهدي السنوسي الذي وصفه قائلا : "لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم".وشارك عمر المختار في الدفاع عن وطنه ضد الاستعمار الإيطالي ،فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في العام 1911م، وبدأت السفن الحربية  الإيطالية تصب  قذائفها على مدن الساحل الليبـي، سارع عمر المختار  بتنظيم حركة المقاومة. وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا، سنة 1912م، أعنف المعارك في تاريخ الجهاد الليبـي، حقق المجاهدون فيها انتصارات عظيمة،وألحقوا بالغزاة خسائر فادحة إذ قتلوا منهم عددا كبيرا ، ودمروا آلياتهم العسكرية الحديثة على الرغم من قدم أسلحة المجاهدين وبساطتها ، حتى أن قادة الغزاة عزلوا من مناصبهم وتم استبدالهم بقادة آخرين . حاول قادة الغزاة  إغراءالقائد البطل عمر المختار  بالمال والمناصب ليكف عن المقاومة ولكنه رفض كل هذه الإغراءات الزائلة ، وكان رده عليهم أخرجوا من بلادنا كلها نكف عن قتالكم .

ولما زادت خسائر الإيطاليين الغزاة في ليبيا ، طلبوا المزيد من الجنود والإمدادات من الآليات الحديثة كالدبابات والطائرات والمدافع وغيرها وذلك ما مكنهم من احتلال ليبيا وتدمير بيوت الآمنين وحرق مزارعهم وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ .

وبينما القائد عمر المختار يقاتل كالأسد أصيب حصانه برصاصة، فخر صريعا  بعدها تمكن الغزاة من القبض عليه فكبلوه بالأغلال ولم يرحموا شيخوخته وإصاباته العديدة التي ملأت جسمه الطاهر وألقوه في السجن وحاكموه محاكمة غير عادلة  فحكموا عليه بالإعدام شنقا وكان عمره آنذاك 73 عاما قضى منها أكثر من عشرين عاما يقاوم الغزاة المحتلين لبلاده ، ولقب بأسد الصحراء وشيخ الشهداء ، ومن كلماته الخالدة التي حفظها التاريخ ولا يزال صداها  يدوي في أرجاء الأرض:

*"نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت ." 
*"وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه "
*"أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي."

وقبل إعدامه بلحظات ظل يؤذن للصلاة ، وقال آخرون ممن سمعوه :
 أنه قرأ الآية الكريمة "يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية" ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد ها صعدت روحه الطاهرة النقية إلي ربها تشكو إليه كيد الظالمين وظلم المستعمرين.

وقد رثاه عشرات الشعراء ومنهم أمير الشعراء أحمد شوقي بقصيدة طويلة يندد فيها بالغزاة ويشيد بالبطل ، ومنها هذه الأبيات :

يا ويحهم نصبوا منارا من دم**يوحي إلى جيـل الغد البغضاء
ما ضر لو جعلوا العلاقة في غد**بين الشعوب مودة وإخاء
جرح يصيح على المدى وضحية** تتلمس الحـرية الحمراء
يا أيها السيف المجرَّد بالفلا **يكسو السيوف على الزمان مضاء
تلك الصحارى غمد كل مهند  **أبلى فأحسن في العدو بلاء

*********************************
  
من مجموعة: (من أبطال العرب)-مصورة للأطفال والناشئة –صدرت عن شركة جنى للنشرالقاهرة 2011م.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق