الخميس، 13 يناير 2011

صفحات من كتاب طفلي من ميلاده حتى بلوغه








 (طفلـــــــــــــــــــــــي

خطـــــــــــــوة  .. خطــــــــــوة

من ميلاده حتى بلوغه)

       **************

بسم الله الرحمن الرحيم

( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ).  " غافر :  67 "

                                                       صدق الله العظيم

**********
 إهداء
 إلى كل الآباء والمربين،
 الذين يهمهم  أمر أطفالهم .
****************
                                 مقدمة:
ارتفعت الصيحات شرق العالم وغربه ، تطالب بحسن تربية ألأطفال وتوجيههم على أسس تربوية سليمة ،خاصة بعد انتشار الغزو الثقافي ، وانشغال الآباء  عن الأبناء لسبب أو لآخر فتركوهم فريسة للثقافة الوافدة ، وأصدقاء السوء ، والأمراض  الاجتماعية والبدنية التي تنهش ذاكرتهم وأجسادهم البريئة الطاهرة .
ولأن أطفالنا فلذات أكبادنا وحملة الراية في المستقبل ، وجب علينا إعدادهم إعداداً تربوياً وثقافياً وصحياً وبدنياً على أسس منهجية صحيحة قبل فوات الأوان .
وفي هذا الكتاب حاولت جاهداً تبسيط المعلومات بأسلوب يساعد الآباء والمربين على كيفية التعامل مع الطفل منذ ولادته وحتى بلوغه مرحلة الرشد ، " خطوة .. خطوة ". أ أدعو الله العلي القدير أن يكون الكتاب وجبة دسمة لكل الآباء والمربين الذين يهمهم أمر أطفالهم .
                                                                                                                                                                     المؤلف : الطيب أديب  
********************
                                                                                                       خطـــــــــــــوة :(1)
مفهوم  الطفولة والتربية:

الطفولة تعني فترة الحياة التي تبدأ منذ ميلاد الإنسان حتى بلوغه مرحلة الرشد ، وقسم علماء النفس مرحلة الطفولة إلي مراحل عدة ،ويختلف تحديد كل مرحلة منها باختلاف بيئة وثقافة المجتمعات عن بعضها ، أو باختلاف الجنس " ذكور وإناث "  وهذه المراحل هي :
*المرحلة الجنينية:شهور الحمل.
*مرحلة المهد: من الميلاد إلى سنتين.
*مرحلة الطفولة المبكرة: من 2 إلى 6 سنوات.
*مرحلة الطفولة الوسطى: من 6 إلى 9 سنوات.
*مرحلة الطفولة المتأخرة: من 9 إلى 12 سنة.
*مرحلة المراهقة المبكرة: من 12 إلى 15سنة.
*مرحلة المراهقة المتوسطة: من 15 إلى 18 سنة.
وقد جاءت لفظة الطفل في القرآن الكريم أربع مرات ، اثنتان منها تشيران إلى مرحلة الطفولة المبكرة،قال تعالى :( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً )  " سورة غافر : 67"
وجاءت في موضع واحد للمرحلة المتوسطة من عمر الطفل فقال تعالى: ( أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) " سورة النور ، آية :31"
وفي مرحلة الطفولة المتأخرة وردت كلمة طفل في سورة النور قال عز من قائل:  ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) " سورة النور آية :59 "
وأما في المعاجم اللغوية فوردت لفظة طفل بمعنى الصغير، ففي لسان العرب لابن منظور :" الطفل والطفلة الصغيران والطفل الصغير من كل شيء والطفل بالفتح الرخص الناعم ، والجمع أطفال وطفول"، وفي المصباح المنير جاءت بمعنى"الولد الصغير من الإنسان والدواب ويكون الطفل بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والجمع" .
واهتمت العلوم الإنسانية الحديثة بدراسة الطفولة تربية وتعليماً وتثقيفاً وذلك بإخضاع الأطفال في مراحل نموهم المتدرجة لمناهج وأدوات التفكير العلمي من أجل فهم الطفولة ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، وظهرت نتيجة لذلك علوم جديدة مثل علم النفس الارتقائي وعلم اللغة النفسي إضافة إلي تطور ميادين علم الاجتماع الذي أصبح معنيا بدراسة الطفل فظهر علم اجتماع نمو الطفل .
وأولت دول العالم المتقدم الطفل اهتماماً كبيراً هذا العصر بعد أن وعت قيمة الطفولة ومكانتها السامية وأدركت أن هذه المرحلة العمرية أهم مراحل الحياة، في الوقت الذي يتعرض فيه الأطفال لاعتداءات جسدية ونفسية تفوق طاقتهم وتغتال براءتهم في ظل انشغال الآباء عن الأبناء، خاصة بعد الثورة التكنولوجية الهائلة التي نتج عنها طوفان الانترنت والمد الفضائي الجارف بما يحملانه من  ثقافات وافدة تهدد القيم والمبادئ والأخلاق ، وتعرضهم للخطر ، إضافة لحرمان  عدد كبير من أطفال العالم من أبسط حقوقهم في التنشئة السليمة والتعليم الكافي والغذاء والمسكن والرعاية الصحية والتثقيف واللعب.  ومتى صلح هؤلاء الأطفال صلحت المجتمعات وأصبحت أكثر أمناً واستقراراً . لأن هؤلاء الأطفال صغار الحاضر، هم أنفسهم صناع المستقبل ، وحملة الراية الذين سيديرون دفة الحياة، وعلي أكتافهم تنهض الأمم.

* مفهوم التربية :

يجيء لفظ التربية في اللغة في مادة " ربب " ففي لسان العرب " لابن منظور" ( الرب يطلق في اللغة على المالك والسيد والمدبر والمربي والقيم والمنعم .. ورببت القوم سستهم أي كنت فوقهم )، أما مفهوم التربية عند الفلاسفة كأرسطو وأفلاطون فيعني إعداد العقل السليم في الجسم السليم .
 وتعني التربية في المفهوم الإسلامي،التربية في أحسن معانيها كما يقول البيضاوي في تفسيره:" مأخوذة من الرب وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا وقد وصف الله تعالى نفسه بالرب للمبالغة"
ويقول الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات:
"الرب في الأصل: التربية وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام. ومن معاني التربية تنمية قوى الإنسان الدينية والفكرية والخلقية تنمية متسقة متوازنة".
وعلى هذا الأساس تكون التربية في مجال تنشئة الأولاد عملية بناء ورعاية وإصلاح شيئا فشيئا حتى التمام أي المضي مع النشء بالتدرج من الولادة حتى سن البلوغ، والتربية بهذا المعنى فريضة إسلامية في أعناق جميع الآباء والأمهات والمعلمين لغرس الإيمان وتحقيق شريعة الله وهي مسؤولية وأمانة لا يجوز التخلي .وتنحصر مسئولية تربية الأطفال -  في الدرجة الأولى - على الوالدين ، قال تعالى : (يوصيكم الله في أولادكم ) " النساء : 11"  .
وروى النسائي أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال : ( إن الله سائل كل عبد عن ما استرعاه حفظ ذلك أم ضيعه ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ) .
وقال الإمام ابن القيم : "وصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم.".. قال الله تعالى: ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً(
ثم يقول: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: "يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا."
و مسؤولية الآباء والأمهات نحو أبنائهم لا يمكن أن تعوض بغيرهم وقد أثبتت الدراسات الميدانية أن غالب انحراف الناشئين يرجع إلى انحراف المربي والقيم على التربية، وصدق القائل:
 وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا**عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
وَما دانَ الفَتى بِحِجىً وَلَكِن** يُعَلِّمُهُ التَدَيُّنَ أَقرَبوهُ
وبجانب الأسرة هناك جهات أخرى مسئولة عن تربية الأطفال كالمدرسة ووسائل الإعلام والجمعيات الأهلية ونوادي الشباب وجميع هيئات المجتمع ، لعموم الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) .
=================
من كتابي :(طفلي-خطوة خطوة-من ميلاده حتى بلوغه)-صدر عن دار المعرفة-القاهرة 2012م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق