السبت، 15 يناير 2011

اختراعات عربية أفادت البشرية

ساعة بن يونس المصري
مراحل صناعة الورق
                          
              اختراعات عربية أفادت البشرية
                         كتبها :الطيب أديب

بلغت الحضارة الإسلامية درجة عالية من الرقي، وأثمرت عن اختراعات واكتشافات كثيرة، أفادت العالم وأسهمت في التقدم التكنولوجي الذي يعيشه العالم الآن ، وهنا نلقي الضوء حول عدد من هذه الاختراعات والاكتشافات التي توصل إليها أجدادنا قبل غيرهم لندرك عظمتهم وننهج نهجهم .
___________________________________
نشرت هذه الموضوعات في مجلة براعم الإيمان-ملحق مجلة الوعي الإسلامي الكويتية في أعداد متفرقة.
____________________________________
الســاعة
عرف الإنسان منذ زمن بعيد الوقت باستخدام المزولة . وهى عبارة عن عصا مستقيمة تنصب على سطح أفقي ويتغير ظل العصا بتغير مسار الشمس ويتم تحديد الساعة حسب طول ظل العصا ، إلا أن هذه الساعة كانت تتوقف عندما تغيب الشمس ليلا أو عندما يكون الجو ملبدا بالغيوم نهاراً .
وظلت هذه الطريقة في تحديد الوقت مستخدمة حتى العصور الوسطي وخصوصاً في بلاد اليونان والرومان والعرب ، بعد ذلك ظهرت الساعات المائية والرملية ، حيث يتم قياس مدة محددة من الزمن عن طريق تساقط الماء أو الرمل . أما في العصر الإسلامي فقد تطورت صناعة الساعات لحاجة المسلمين لتحديد أوقات الصلاة والقيام بالإعمال الفلكية المختلفة ، فاخترع المسلمون نوعين من الساعات المائية الدقاقة ، الأول : نوع كبير الحجم داخل غرفة كبيرة ، والثاني : صغير يمكن نقله من مكان إلى أخر يسمى صندوق الساعة مثل الساعة التي أهداها الخليفة " هارون الرشيد " لـ "شارلمان" ملك فرنسا سنة ( 742 – 812م ) وهى ساعة مائية دقاقة صنعت من الجلد والنحاس الأصفر المنقوش ، وكانت تشير إلى الوقت عن طريق فرسان من المعدن يفتحون كل ساعة باباً من أبوابها يسقط من الباب العدد المطلوب من الكرات على صنجة ... ثم ينسحبون ويغلقون الباب ، وهذه الساعة أدهشت ملك فرنسا وحاشيته ، فظنوا أن في داخلها عفاريت يقومون بتحريك أجزائها لتدق فى الوقت المناسب . وانتشرت الساعات المائية الدقاقة في ربوع الدولة الإسلامية وقصدها الزوار والرحالة من كل صوب وعدوها من عجائب الدنيا في ذلك العصر . أشهر هذه الساعات ساعة باب "جيرون" وهو الباب الثاني للمسجد الأموي في دمشق وهذه الساعة صنعها " رضوان بن محمد الساعاتي " كما صنع " ابن الرزاز الحزري " ساعة أخرى رائعة ، وانتشرت صناعة الساعات في بغداد ومصر وتونس والمغرب وغيرها .... وتطورت صناعة الساعات على يد " على بن إبراهيم " الشهير بـ " ابن الشاطر " الذى حولها من ساعات مائية خشبية إلى ساعات ميكانيكية معدنية وتمكن " ابن الشاطر " من صناعة ساعة صغيرة لا تزيد عن 30سم تدار بالآلات المعدنية . وقفزت تكنولوجيا الساعات فى البلاد الإسلامية آنذاك على يد " ابن يونس المصري " الذي اخترع البندول " رقاص الساعة " والذي استخدم لحساب الفترات الزمنية ، وبذلك سبق المسلمون " جاليليو " الإيطالي بنحو ستة قرون فى اختراع البندول واستعماله في الساعات الدقاقة . وأعترف " جورج سارتون " و " سدويك " بأن العرب أول من استعملوا " الرقاص لقياس الزمن وقال العالم الأميركي "سميث " ، ومع أن قانون الرقاص هو من وضع " جاليليو" إلا أن " كمال الدين بن يونس " لاحظه وسبقه في معرفته ... وظل المسلمون يحسنون صناعة الساعات ويختصرون حجمها حتى تمكنوا من صناعة ساعة حائط لا يزيد حجمها عن نصف ذراع ، ونقل الأوروبيون صناعة الساعات عن المسلمين وظلوا يدخلون عليها التحسينات حتى وصلت إلى ماهي عليه الآن .
_____________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية –العدد 340
_____________________________

الأرقـــام العربيــة
أستعمل العرب قبل الإسلام حروف الهجاء للدلالة على الأعداد واستخدموا الحرف الأول من كلمات الأعداد في كتابتها فحرف (خ) يدل على العدد خمسه وحرف (ع) يدل على العدد عشرة وهكذا .... ثم تطور هذا النظام فوضع العرب الأعداد على ترتيب حروف اللغة العربية ، فاستخدموا الترقيم الأبجدي ، الذى عرف بنظام "أبجد" أو حساب الجمل ، وفيه يرمز كل حرف إلى رقم خاص يدل عليه كما فى المثال التالي :
أ
ب
ج
د
1
2
3
4
أما الحروف التالية فرمزوا إليها بهذه الأرقام :
ض
ظ
غ
800
900
1000
ورمز العرب للأعداد التى تزيد عن الألف بضم الحروف إلى بعضها بعضاً كما يلى :
بغ
جغ
دغ

2000
3000
4000
وهكذا......

وعندما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية وسيطر العرب على التجارة العالمية ، وازدهرت تجارتهم ، وظهرت حاجتهم لحساب الأرباح والمكاييل والموازين ، وغير ذلك ، فراحوا يطورون طرق الحساب ، فترجموا كتب ومؤلفات الحضارات السابقة في علم الحساب والجبر والهندسة وحساب المثلثات ، واستوعبوها جيدا ، وأضافوا إليها إضافات عظيمة ، أثمرت عن ابتكار الأرقام العربية ، والكسور العشرية التي نقلها عنهم علماء الغرب وأوجد المسلمون صورتين من الأرقام هما :
              الأرقام العربية :  1  2  3  4  5
              الأرقام الهندية : 1  2  3  4 5
وتعرف الأرقام العربية كذلك بالأرقام الغبارية ، التى انتشر استعمالها في شمال أفريقيا والأندلس ، ووصلت إلى أوربا عن طريق الأندلس وسميت بالأرقام الغبارية لأنها كانت تكتب على لوح مغطاة بطبقة رقيقة من التراب ، كما عرفت هذه الأرقام أيضا بالخوارزمية نسبة إلى عالم الرياضيات المسلم ( الخوارزمي ) وهذه الأرقام الغبارية مرتبة حسب الزوايا التي يضمها كل رقم فالرقم ( 1 ) يضم زاوية واحدة والرقم ( 2 ) يضم زاويتين وهكذا ، ثم حدث تعديل لهذه الأرقام حتى وصلت لشكلها الحالي الذي نعرفه .
أما سلسلة الأرقام الهندية التي أدخل العرب عليها الكثير من التعديلات ، فهي الأرقام المستخدمة حاليا في معظم الدول الإسلامية والعربية ، وكان لابتكار العرب " الصفر و الكسور العشرية " أعظم الأثر في استعمال الترقيم وإجراء العمليات الحسابية بسهولة ، إذ مكن ابتكار الصفر من حل المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات ، وساعد في تقدم الرياضيات ، وقد نقل الأوروبيون الصفر عن العرب فكتبوه( chiffre و cipher ) إلى أن حوروه إلى (zero)
وقد عدد العلماء في الشرق والغرب مزايا الأرقام العربية أو الهندية التى ابتكرها المسلمون ومنها : اشتمال هذه الأرقام على الصفر كما أنها تقوم على أساس القيم الموضعية للأرقام بحيث يكتسب الرقم الواحد على قيمة مختلفة حسب موقعة ، فالرقم الذي يقع على اليمين يدل على الآحاد والذي يليه يدل على العشرات ، والذي يليه يدل على المئات ، وهكذا إضافة إلى أن هذه الأرقام تمكننا من تركيب أي عدد منها مهما كان كبيراً بخلاف الأرقام الرومانية ، التي كانت تحتاج إلى أشكال عديدة ومعقدة ، كما أن العرب قسموا الحساب العملي إلى( غباري ) يحتاج إلى ورقة وقلم عند إجراء العمليات الحسابية ، و( هوائي ) وهو حساب ذهني لا يحتاج إلى أدوات كتابية ، وذلك ما ساعد التجار العرب في أسفارهم وعامة الناس ممن لا يدركون القراءة والكتابة في إجراء عملياتهم الحسابية في سهولة ، لذلك أجمع العلماء على ان ابتكار الصفر والكسور العشرية إلى جانب الأرقام العربية ، من أعظم الاختراعات في تاريخ البشرية لأنها أدت إلى تقدم الرياضيات التي ساعدت على التقدم التكنولوجي الذي يعيشه العالم حاليا .
____________________________
نشربمجلة براعم الإيمان الكويتية-العدد 347
____________________________
البريـــد
أدرك أجدادنا المسلمون أهمية البريد القصوى في وقت السلم والحرب . فعبدوا الطرق وقسموها منازل أو محطات ، توجد في كل محطة دواب مهيأة تحمل رسائل الخليفة إلى مختلف الجهات ، فتسلم بالمركز الرئيس لصاحب البريد ، الذي يمضى بها مسرعا حتى إذا وصل إلى أول محطة ، سلمها للمكلف فيها بالبريد ، ليقوم بوظيفته كالأول ، وبذلك كانت تصل الرسائل إلى الأمراء والعمال فى أسرع وقت ، وكانت المسافة بين كل محطتين تبلغ أربعة فراسخ ، أو اثني عشر ميلا ، وهذه المسافة سميت بريدا ، وأول من ابتكر البريد هو الخليفة معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنهما ، لرغبته في سرعة وصول الأخبار إلى أرجاء الدولة الإسلامية الواسعة ، وقد خصص أبو عبد الله المهدي للبريد إبلا لا تحصى ، وفى عهد العباسيين كان البريد مخصصا لأعمال الحكومة . ومن طرائف ما يحكى عن سرعة وصول الرسائل ، أن حمل البريد إلى الخليفة المأمون ثماراً طازجة كأنها جنيت في ساعتها . أرسلت إليه من " كابل " عاصمة أفغانستان الحالية بينما كان الخليفة واليا على " خراسان " . وحينما فتح جوهر الصقلي " مراكش " المغرب حاليا في عهد المعز الفاطمي ، وبلغ المحيط الأطلنطي ، أرسل إليه من هناك سمكاً في زجاجة ليثبت له وصول ملكه إلى المحيط . وفى القرن الخامس الميلادي حتى القرن الثامن الميلادي ، ظهرت جماعة في مصر السفلى من حملة الرسائل السريعة أطلق عليهم " سيماكوى " فكانت الرسائل تصل من الإسكندرية إلى سبته بالمغرب في ليله واحدة ومن طرابلس في ليبيا إلى الإسكندرية في ثلاث ساعات .كما استخدم المسلمون الحمام الزاجل في نقل البريد ، وخطوا في ذلك خطوات واسعة ، وقد اهتدى المسلمون إلى البريد قبل غيرهم من الشعوب ، فأحسنوا إدارته وتنظيمه ، إلى حد إعجاب الشعوب الأخرى بما وصل إليه المسلمون ، فنقلوا عنهم هذه المصلحة التي أفادت العالم وظل البريد يتطور بتطور وسائل المواصلات والتقدم التكنولوجي حتى وصل إلى ما نحن عليه الآن .
______________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية –العدد344
______________________________
جــواز السـفـر
عندما يتسلل الغرباء الأجانب إلى دولة ما خلسة ويتغلغلون في أرجائها ويتتبعون خفاياها وأسرارها ، يشكل ذلك أمراً خطيراً يهدد كيان الدولة التي تغلغلوا فيها وزلزلوا استقرارها ، وقد ابتليت كثير من الدول بهذا البلاء في العصور القديمة والحديثة .. وأدرك أجدادنا المسلمون خطورة هذا الأمر فحرصوا كل الحرص على تفادى هذا البلاء بابتكار وثيقة سفر يحملها كل شخص يدخل أرجاء الدولة ، وهذه الوثيقة عرفت باسم " جواز السفر " أو صك المسافر كما سموها . لم تكن الشعوب تعرف استخدام " جواز السفر " إلا نقلا عن المسلمين ، ففي عهد أمير المؤمنين " عمر بن الخطاب " رضي الله عنه منع السفر إلى أرجاء الدولة إلا بإذن منه لمدة معينة ، وبوثيقة موقعة بخط يده ، إذ رأى أن الدسائس والفتن بدأت تدخل على المسلمين ، بعد تلك الفترة عرف " جواز السفر " الذي يحمله كل من يدخل بلداً أجنبيا وانتشرت هذه الوثائق في جميع البلدان الإسلامية ، ففي مصر عرف " جواز السفر " في المائة الثانية للهجرة في عهد " الطولونيين " فكان لا يخرج من مصر احد إلا " بجواز سفره " وصممت الجوازات لانتقال الأفراد من مدينة إلى أخرى أو من مصر إلى خارجها . وفى مدينة " شيراز" أصدر السلطان " عضد الدولة البويهي " في العام 372هـ ، مرسوماً يقضى بمراقبة أبواب المدينة ، ووصف ذلك أحد المؤرخين قائلا : " ومنع الخارج منها إلا " بجواز سفر " وحبس الداخل والمجتاز ، وقد عثر المستشرق " جرهمان " على "جوازي سفر " استخدما داخليين في مصر كتبا باللغة العربية على ورق البردى فوجد تاريخهما يرجع إلى المائة الثانية للهجرة ، وكتبهما بعض عمال الأمير " عبد الله بن الحجاب " وفى أعلى الجواز كتبت البسملة ، ثم كاتب الجواز ، واسم الشخص ، وموطنة ، ومدة إقامته ، وسببها ، وتاريخها ، وقد أرسى ابتكار جواز السفر الأمن والاستقرار في ربوع البلاد الإسلامية ونقلته شعوب العالم عن المسلمين وظل " جواز السفر " يتطور حتى أصبح في شكله الحالي كما نراه اليوم .
_________________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية –العدد342
________________________________
أقـــلام الحبـر
قبل اختراع أقلام الحبر ، استخدم الكتاب أقلاما مبرية من البوص والقصب ، يمسك الكاتب القلم ويغمس سنه الرفيعة ، في مداد من الهباب الأسود أو فحم الخشب الممزوج بالماء والصمغ ومن ثم يكتب ، وسادت هذه الطريقة زمنا طويلا .
وهذه الطريقة البدائية لم تعجب الخليفة " المعز لدين الله الفاطمي " الذي فكر في اختراع قلم مدادي يستغنى عن الدواة فيحمل كمية وافره من الحبر في جوفه ، وقد روى لنا القاضي "النعمان بن محمد" في كتابه " المجالس والمسامرات " فقال : ذكر الإمام " المعز لدين الله " القلم فوصف فضله ، ورمز فيه إلى باطن العلم ، ثم قال : نريد أن نعمل قلما يكتب به بلا استمداد من دواة ، بحيث يكون مداده في داخلة ، فمتى شاء كتب به ، فأمد الكاتب وكتب به ما شاء ومتى شاء تركه فارتفع المداد . وكان يريد أن يكون القلم ناشف بحيث يجعله الكاتب في كمه ، أو حيث يشاء فلا يؤثر فيه ولا يرشح شيء من المداد عنه ، لا يكون ذلك إلا عندما يبتغي منه ويراد الكتابة فيكون له عجيبة لم نعلم أن سبقنا إليها أو دليلاً على حكمة بالغة لمن تأملها وعرف وجه المعنى فيها فقلت : ويكون هذا يا مولانا عليك سلام الله ؟ قال : يكون إن شاء الله . فما مر بعد ذلك إلا أيام قلائل حتى جاء الصانع الذي وصف له الصنعة به معمولا من ذهب ، فأودعه المداد وكتب به فكتب ، وزاد شيئا من المداد على مقدار الحاجة ، فأمر بإصلاح شيء منه فأصلحه . وجاء به فإذا هو قلم يقلب في اليد ، ويميل إلى كل ناحية فلا يبدو منه شيء من المداد ، فإذا أخذه الكاتب وكتب به ، كتب أحسن كتابه ، ما شاء الله أن يكتب ، ثم إذا رفعه عن الكتاب أمسك المداد ، فرأيت صنعه عجيبة لم أكن أظن أنى رأيت مثلها . ومن هذه الرواية التي ذكرها القاضي النعمان والوصف الدقيق لقلم الحبر الذي صنع بناء على رغبة " المعز لدين الله الفاطمي " ندرك أن قلم الحبر لم يكن معروفا قبل عهد الفاطميين ، وأن الأمراء المسلمين حرصوا كل الحرص على نشر العلم وابتكار أدواته التي تساعد العلماء وطلاب العلم في سرعة تحصيل العلوم ، ونشر الفكر في جميع أرجاء الدنيا ، وانتشر استخدام أقلام الحبر في كل بقاع الأرض بعد أن نقلته الشعوب عن المسلمين ، وظلوا يدخلون عليه التحسينات حتى وصل إلى ما نحن عليه الآن .
_____________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية –العدد341
______________________________

علماء مسلمون علموا العالم



علماء مسلمون علموا العالم
كتبها :الطيب أديب

بلغت الحضارة الإسلامية درجة عالية من الرقي بجهود العلماء المسلمين والخلفاء الذين شجعوا هؤلاء العلماء، فازدهرت الحياة العلمية في شتى نواحي المعرفة، وكان لمؤلفات العلماء المسلمين دور كبير في نهضة البشرية وتقدمها  التكنولوجي الذي يعيشه العالم الآن ، وهنا نلقي الضوء حول بعض العلماء المسلمين. 

( الزهراوي) رائد علم الجراحة
هو أبو القاسم خلف بن عباس ، عرف بالزهراوي نسبة إلي الزهراء إحدى مدن الأندلس ، التي ولد فيها العام 325 هـ ، وعاش ما يقرب من تسعة وسبعين عاماً ، وكانت الأندلس في هذا العصر واحة جميلة ، وجامعة يقصدها طلاب العلم من كل صوب ، حيث ازدهرت حلقات العلم وانتشرت بها المكتبات التي زاد عددها علي سبعين مكتبة عامة ، وكانت في قرطبة مكتبة ضخمة تضم أكثر من أربعمائة ألف كتاب ، وحرص أمراء الأندلس علي تشجيع البحث العلمي وتكريم العلماء مما شجع الزهراوي لينهل من الكتب الثمينة اليونانية والإسلامية ويتلقى العلوم علي يد أطباء الأندلس الكبار ، كعيسي بن إسحق وغيره حتى حقق رغبته وصار طبيباً عظيماً يخفف آلام الناس ، بل إنه تفوق علي أطباء عصره باختراعه الآلات الجراحية  التي استخدمها في إجراء العمليات الجراحية .
ويعد كتابه " التصريف" أهم ما كتب حيث يتكون هذا الكتاب من ثلاثين جزءاً كتب فيه عن الجراحة والصيدلية والعظام وطب العيون ورسم فيه آلاته الجراحية الدقيقة التي صنعها لإجراء العمليات في الأنف والأذن والحنجرة والكسور وخلع الأسنان والتوليد وغير ذلك ، وجاء إليه الطلاب من كل صوب يتعلمون الطب علي يديه وكان الطلاب الأوروبيون يتعلمون الطب علي يد الزهراوي سراً ، خوفاً من بطش بابوات الكنيسة ، حيث كانوا يحرمون إجراء العمليات الجراحية ، لأن ذلك علي حد زعمهم اعتداء علي حرمة الجسد ، مما أثار سخط الطلاب الأوروبيين الذين  وجدوا عند المسلمين حرية في علم الطب في الأندلس .
ونظراً لأهمية كتاب " التصريف " ترجم إلي اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي ، وظل يترجم ويطبع حتى القرن الثامن عشر ، فترجم إلي الإنكليزية والفرنسية والألمانية وغيرها من اللغات ، وعرف أبو القاسم الزهراوي في اللغات الأوروبية باسم " البلكاسس " وصار عالما مشهوراً واقترن اسمه بعلم الجراحة حتى يومنا هذا .
_____________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية- العدد300
______________________
                      (جابر بن حيان ) رائد علم الكيمياء
هو أبو موسي جابر بن حيان ، ولد في خراسان عام 120هـ تقريباً ، وعاش نحواً من تسعين عاما ، ظل ينتقل بين أرجاء الأرض حتى استقر به المقام في الكوفة ، فدرس الطب والفلسفة والكيمياء وبرع في هذا العلم حتى عرفت الكيمياء بأنها "صنعة جابر " وبلغ عدد مؤلفاته مائتي كتاب منها ثمانون كتاباً في الكيمياء وحدها ، وأهم هذه الكتب "السر المكنون . الأركان الأربعة . الأصباغ . ما بعد الطبيعة " وكتب  أخري كثيرة  ويعد أول من  استخدام الموازين في تجاربه العلمية وتوصل إلي حقائق علمية لم يتوصل  إليها عالم قبلة فهو أول من قال إن الأجسام القابلة للاحتراق يتطاير منها كبريت عند احتراقها وعرف كثيراً من العمليات الكيميائية كالتبخير والتقطير والترشيح والإذابة وتمكن من تحضير حبر مضيء استخدمه للكتابة علي المخطوطات لكي تضيء في الظلام ،واخترع أوراقاً تقاوم النيران فلا تشتعل وقسم السموم إلي حيوانية كسموم الأفاعي والعقارب وسموم نباتية كالحنظل والأفيون وسموم حجرية كالزئبق والزرنيخ  . واهتم جابر بإجراء تجاربه الكيماوية بدقة بالغة ، ومن نصائحه لمن يريد إجراء التجارب الكيماوية يوصي قائلاً :" عين الغرض من التجربة واتبع التعليمات الخاصة بها ، اختر للتجربة الوقت الملائم لها .... اختر لمعمل التجارب مكاناً منعزلاً ... كن صبوراً ومثابراً وصامتاً متحفظاً ولا تصادق إلا من تثق به " ظلت كتب جابر المرجع الأول في الكيمياء في كل بلاد العالم ما يقرب من ألف عام وترجمت إلي اللغات الأجنبية وما زالت المكتبات العلمية في شتي أرجاء العالم تحتفظ بكتبه الثمينة وفي المتحف البريطاني توجد نسخة خطية من كتابه "الخواص الكبير " وفي المكتبة الأهلية بفرنسا توجد نسخة خطية من كتابه "الأحجار ". وقد شهد له من درس علم الكيمياء علي مر العصور وقال عنه المؤرخ الشهير "سارتون " : " إن ابن حيان من أعظم الذين برزوا في ميدان العلم في القرون الوسطي ... "
___________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية- العدد 298
____________________________
               
                      (الحسن بن الهيثم) رائد علم الطبيعة
ولد الحسن بن الهيثم العام 354هـ وعاش نحواً من ستة وسبعين عاماً ، عاش بالبصرة ثم انتقل إلي القاهرة فظل فيها حتى توفي . شغف بالعلم منذ صباه فقرأ كثيراً في علوم الدين والطب ، والفلسفة ، والرياضة ، والفلك ، وشرح كثيراً من الكتب الإغريقية والإسلامية . وكتب ابن الهيثم في علم الطبيعة الذي عشقه وأبدع فيه وألف أكثر من مئتي كتاب منها أربعة وعشرين كتاباً في علم الطبيعة ويعد ابن الهيثم أول من قال :إن شعاع الضوء يخرج من الجسم المرئي ، ثم ينعكس علي العين وكان السائد قبل ذلك أن شعاع الضوء يخرج من العين ثم ينعكس علي الجسم المرئي وهو أول من ناقش سبب رؤية الشيء واحداً علي الرغم من رؤيته بالعينين وساعدت هذه النظرية علي اختراع جهاز "الاستريوسكوب " حديثاً ، وقال ابن الهيثم إن الوزن الحقيقي للجسم لا يكون هو وزنه في الهواء لأن الهواء يؤثر علي الجسم فيدفعه إلي أعلي فيقل الوزن وبناء علي هذه النظرية اخترع جهاز "البارومتر ومفرغة الهواء " وقال إن الضوء لا يري منفرداً إنما يري بوساطة الذرات العالقة بالجو . وفي ذلك يقول ابن الهيثم "إذ دخل ضوء الشمس أو القمر أو النار في حجرة مظلمة خلال ثقب صغير ، وكان هواء الحجرة مملوءاً بدقائق الهباء فإن الضوء الداخل من هذا الثقب يمكن رؤيته مختلطاً بالتراب ويري أيضاً علي أرض الحجرة أو في الجدار المقابل وهو يسير خلال  الثقب إلي الأرض أو الجدار في خطوط مستقيمة " وعندما وصل ابن الهيثم إلي القاهرة سافر إلي أسوان جنوب مصر وفكر بإمكان إقامة سد لتخزين مياه النيل للاستفادة منها وهو بذلك يعتبر أول من فكر في هذا المشروع العملاق قبل إنشائه بألف عام تقريباً .
ترجمت كتب بن الهيثم إلي لغات أجنبية كثيرة وظلت مرجعاً أساسياً لجميع المشتغلين بعلم الطبيعة في العالم قروناً عديدة وقال عنه المؤرخ "سارتون ": إن ابن الهيثم أكبر عالم طبيعي مسلم ومن أكبر المشتغلين بعلم الضوء في جميع الأزمان.
_____________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية- العدد309
______________________


(البيروني) أعظم العلماء على مر العصور

 هو أبو الريحان محمد بن أحمد الفلكي " البيروني " ولد في ضاحية "كاث" بخوارزم في العام 351 هـ وعاش نحواً من تسعين عاماً ، شغف بحب القراءة وطلب العلم منذ صغره وأقبل علي تعلم اللغات فأجاد اللغة العربية التي أهلته لدراسة علوم الدين والفقه واللغة وأجاد اللغة الفارسية واليونانية والسنسكريتية  والسريانية بجانب لغته الخوارزمية مما أهله للإطلاع علي مناهل المعرفة ومراجع الثقافات المختلفة . زار الكثير من البلاد العربية وسافر إلي الهند التي استقر فيها زمناً طويلاً وفي الهند عكف علي التأليف وظل يدون ملاحظاته عن سكان الهند وأخبارها وأساطيرها وعاداتها وتقاليدها وأعياد أهلها فأخرج لنا كتاباً رائعاً عده العلماء أهم مرجع لاستطلاع أخبار الشعوب الشرقية التي كانت مجهولة آنذاك ، وعندما عاد البيروني إلي خوارزم أعجب به السلطان محمود الغزنوي فاصطحبه إلي "غزنة" عاصمة الدولة الغزنوية " وكان قد انتهي من كتابه "القانون المسعودي في الهيئة والنجوم فزاد من إعجاب السلطان به حيث أعطي كل وقته للبحث العلمي والتأليف . نبغ البيروني في الرياضيات والفلك والجغرافيا والفلسفة والاقتصاد وعلم النبات والجغرافيا والتاريخ حتى لقبه العلماء  بـ الأستاذ ، فهو بحق عالم موسوعي وما زال العلم يدين له بالفضل في كثير من المسائل والاكتشافات التي سبق بها عصره ، حتى أن علماء  الفضاء الذين وصلوا إلي الفضاء بسفنهم الفضائية استفادوا من حسابات البيروني الرياضية ودراساته الفلكية التي ساعدتهم في الوصول للفضاء رغم مرور نحو من ألف عام علي رحيله واعتمد البيروني في تحصيل المعارف علي البحث والتجربة بنفسه وتميز أسلوبه في الكتابة بترتيب الأفكار وتسلسلها وكتب معظم مؤلفاته باللغة العربية تقديراً لفضلها علي سائر اللغات ما شجع الشعوب علي تعلمها واحترامها ، وقد بلغت مؤلفات البيروني نحواً من 180 كتاباً ورسالة منها، الآثار الباقية عن القرون الخالية، تاريخ الهند، أطوال البلاد وعروضها، . الآلات والعمل، الشعاعات والقمر ، الحساب، تحقيق منازل القمر ، تعيين البلد من العرض والطول كلاهما،  الصيدلة في الطب ، وكتب أخري كثيرة ...  ويعد كتابه "القانون المسعودي" أهم الكتب وقد طبع العام 1373 هـ في الهند وكانت مخطوطاته محفوظة في مكتبات "إكسفورد " وباريس . واستانبول وألمانيا ومكتبة المتحف البريطاني في لندن ومكتبة دار الكتب المصرية احتوي هذا الكتاب علي ثلاثة أجزاء والتي تضم ألف وخمسمائة صفحة وقسمه البيروني إلي أحدي عشرة مقالة تحوي كل مقالة عدداً من الأبواب وقد لاقي هذا المرجع الضخم إعجاب العلماء علي مر العصور حيث استفادوا من معلوماته وظل مرجعاً مهماً يدرس في جامعات أوربا هو وغيره من مؤلفات البيروني " ودان له العلم الحديث بالفضل حتى إن المستشرق "سخاو" قال عنه : إن البيروني من أضخم العقول التي ظهرت في العالم وإنه أعظم علماء عصره ومن أعظم العلماء في كل العصور .  وقال عنه العالم ، ماكس مايرهوف : إن اسم البيروني أبرز اسم في موكب العلماء الكبار واسعي الأفق الذين يمتاز بهم العصر الذهبي للإسلام .  أما المستشرق الأميركي "أربو بوب فقد قال عن البيروني : " في أي قائمة تحتوي أسماء أكابر العلماء يجب أن يكون لاسم البيروني مكانة الرفيع ومن المستحيل أن يكتمل أي بحث للرياضيات والفلك أو الجغرافيا أو علم الإنسان أو المعارف دون الإقرار بإسهاماته العظيمة في كل علم من تلك العلوم ".
_____________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية- العدد324
_____________________________


(الخوارزمـــي ) مؤسـس علم الجبر
هو محمد بن موسى الخوارزمي ، أقام في بغداد في عصر الخليفة المأمون في القرن الثامن الميلادي ، ولم يذكر المؤرخون السنة التي ولد فيها هذا العالم الكبير الذي ظهرت عليه علامات النبوغ والذكاء منذ صغره ، فقرأ في شتى العلوم حتى نبغ في علوم الرياضيات والفلك والجغرافيا . وكان الخوارزمي يدرك أهمية علم الرياضيات لحاجة المسلمين للحساب يحسبون به الأيام والأشهر والفصول والسنين والمقادير ويرصدون الفلك في السماء وغير ذلك من أمور حياتهم ... ولما أعجب الخليفة المأمون بنبوغ الخوارزمي ولاه أمانه " بيت الحكمة " ووفر له المال والعتاد والخدم وكل سبل الراحة ليتفرغ للبحث العلمي وتعليم الطلاب ويرجع الفضل للخوارزمي في تأسيس علم الجبر فهو أول من استخدم كلمة جبر ووضع مبادئ أسس هذا العلم وهو مبتكر حساب " اللوغاريتمات " واستخدام التعبيرات الجبرية وحل معادلات الدرجة الثانية الجبرية واستخدام كلمة أصم لتدل علي العدد الذي لا جذر له، ومازالت معادلاته الجبرية تدرس حتى الآن مثل : س25=24 ،2س+5= س2. ألف الخوارزمي الكثير من الكتب أهمها كتاب " الجبر والمقابلة " وكتاب " صورة الأرض " وكتاب " العمل بالإسطرلاب " وكتب أخري كثيرة ، وظل كتاب الجبر والمقابلة مرجعا علميا للعلماء والباحثين في الرياضيات ترجم إلي اللاتينية ونشر في لندن العام 1831 م ، وترجم إلي لغات أخري لأهميته وظل علم الحساب زمنا طويلا في أوروبا معروفا باسم " الغورتمي " نسبة إلي الخوارزمي يقول العالم الشهير " كاجورى " : " إن العقل ليدهش عندما يرى ما عمله العرب في الجبر وهم أول من أطلق لفظ جبر علي العلم المعروف الآن بهذا الاسم ،وعنهم أخذ الإفرنج هذا الاسم (ALGEBRA) " ومازال العالم يدين بالفضل للخوارزمي الذي أخلص للعلم الذي عشقه فاقترن اسمه به حتى يومنا هذا .
___________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية- العدد312
____________________________


               ( الإدريـسـي )  رائد علم الجغرافيا
هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس " المعروف بالإدريسي " ولد في سبته بالمغرب عام 493هـ ، وعاش نحوا من سبعين عاماً ، حفظ القرآن الكريم منذ صباه وقرأ في علوم اللغة والفقه والحديث واستهواه السفر والرحلات فسافر إلى قرطبة بالأندلس وظل ينهل من علمائها ويتأمل في طبيعتها الجذابة من جبال وأنهار ونباتات ، ومن الأندلس سافر إلى فرنسا ثم عبر البحر فوصل إلى انكلترا (انجلترا) ، وظل يطوف بلاد العالم شرقاً وغرباً وعندما وصل إلى صقلية قابله ملكها " روجر الثاني " وطلب إليه البقاء بصقلية لسيتفيد من علمه وخبرته بالشعوب ، ومن أوصاف أرضها ، ووفر له ملك صقلية كل ما يحتاجه لرسم خريطة للعالم آنذاك ، وأشرف الإدريسي على أول بعثه علمية أرسلها تجوب الأرض ، وتمكن الإدريسي من رسم خريطة صحيحة للعالم موضحاً عليها أقاليم العالم السبعة ببحارها وأنهارها وجبالها ، واستخدم خطوط الطول ودوائر العرض لتوضيح مواقع البلدان وأطوالها ، وعندما أعجب الملك بخريطة الإدريسي طلب إليه رسمها على كرة ضخمة من الفضة الخالصة ، فأشرف الإدريسي على الصناع والمهرة في صناعة الكرة الأرضية الفضية . ثم نقش عليها أقاليم العالم السبعة .ألف الإدريسي كتباً كثيرة أهمها كتاب " نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق " ودون فيه رحلاته وكتاباته عن العالم وزود كتابه بأكثر من سبعين خريطة ، وألف كتاب " صفة بلاد المغرب " وكتاب " روض الأنس فى نزهة النفس " وكتاب " المسالك والممالك " وله كتاب مهم في علم النبات اسمه " الجامع لصفات أشتات النبات " وأورد فيه أسماء النباتات والمعادن والأحجار الكريمة واستخدامها في التداوى . ترجمت كتب الإدريسي إلى لغات أجنبية كثيرة وطبع كتابه " نزهة المشتاق في اختراق الأفاق " في روما بإيطاليا في نهاية القرن السادس عشر وظل مرجعاً علمياً استفادت منه أوربا مدة ثلاثة قرون كاملة .
________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية- العدد303
__________________________


( ابن بطوطة ) أول رحالة يجوب الأرض
هو محمد بن عبد الله بن إبراهيم اللواتي الطنجي ، ولد في مدينة طنجه بالمغرب العام 703هـ ، وعاش نحواً من ستة وسبعين عاماً ، شغف بالعلم منذ صباه ، فقرأ كثيراً في علوم الجغرافيا والأدب والتفسير والفقه ، ودرس في جامع القرويين في فاس . وعندما بلغ العشرين من عمره ، قرر أداء فريضة الحج ، ومنذ هذه الرحلة ، إلى بيت الله الحرام ، استهواه السفر ، فظل يجوب الأرض مدة طويلة استغرقت ثلاثين عاماً ، وظل يدون كل ما يشاهده من الأحوال السياسية والاقتصادية ، وعادات الشعوب ودياناتها ، وأطعمتها ، وكل ما تقع عليه عينه فى البلاد التي جابها ، واستخدم في رحلته وسائل المواصلات البدائية في ذلك الزمن ، كالدواب والسفن الشراعية ، ولم يعبأ بما كان يلاقيه من أخطار فى رحلاته . بدأ رحلاته بالحج إلى بيت الله الحرام العام 725هـ فاتجه من شمال أفريقيا إلي صعيد مصر ، ثم إلى البحر الأحمر حتى وصل إلى بلاد الشام وفلسطين ، ومنها إلي مكة . ومن مكة سافر إلى العراق ، ثم إلى إيران ، ثم عاد إلي مكة وقام برحله إلى جنوب الجزيرة العربية ، ثم إلى شرق أفريقيا ، ثم إلى خليج فارس " الخليج العربي حالياً " ، ثم عاد إلى مكة ورحل إلى آسيا الصغرى حتى وصل إلى القسطنطينية . ثم قام برحلة إلى خوارزم وبخارى وأفغانستان ، حتى وصل إلى الهند ، وقضى فيها ثماني سنوات ، حيث تولى القضاء بين الناس فى " دلهي " مدة عامين ، ثم رحل إلى الصين ، ووصل إلى جزيرة سيلان والبنغال ، ثم رجع إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ، ومن ثم إلى شمال أفريقيا حتى دخل مدينة فاس ، ومنها رحل إلى غرناطة في بلاد الأندلس ، وظل يجوب الأرض طولا وعرضاً ، وقدر العلماء المسافة التي قطعها ابن بطوطة في رحلاته بما يزيد على 120000كم ماشيا على قدميه أو مستخدما الدواب والسفن في رحلاته بين البر والبحر . ترك لنا ابن بطوطة كتابه القيم " تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار " ، ودوَّن فيه كل ما شاهده ، وتُرجم هذا الكتاب إلى اللغات الأجنبية كالإنكليزية والفرنسية وتم نشره في أربعة مجلدات في باريس ومصر ، وأشاد الأوروبيون برحلة ابن بطوطة حتى إن العالم " بيشل " أطلق عليه " أبو الرحالة " ، وقد استفاد علم الجغرافيا من وصف ابن بطوطة لكثير من الأماكن الأفريقية والآسيوية المجهولة ، وبخاصة نهر النيجر ، وبلاد الزنج، وبلاد الهند، وسومطرة وغيرها من الأماكن التي كانت مجهولة في هذا العصر. لقد كان ابن بطوطة أمير الرحالة المسلمين والعجم ومكتشفاً عظيماً دان له العلم بالفضل زمناً طويلاً .
___________________________
نشر بمجلة براعم الإيمان الكويتية- العدد302
____________________________
        

" مدرسة الكلام "..قصة للأطفال بقلم:الطيب أديب



                        " مدرسة الكلام  " ..قصة للأطفال بقلم:الطيب أديب

في بيت صديقتنا إيمان مكتبة جميلة ، وكلما تقرأ قصة أو كتابا تحكي لأمها وأبيها وأخيها ما قرأته فيشجعها أبوها ؛ وتفرح أمها ويتهلل وجه أخيها الصغير فيقلدها في القراءة . اعتادت إيمان تصحو مبكرا تصلي الفجر وتتناول إفطارها مع أسرتها، وتخرج تنتظر صديقاتها قليلا فيتوجهن معا إلى مدرسة "السيدة عائشة أم المؤمنين الابتدائية "، القريبة من البيت. لاحظت إيمان وصديقاتها أن عددا كبيرا من التلميذات يتحدثن بصوت عال ويقاطعن بعضهن، ويضحكن بصوت مرتفع ، ويرفعن أصواتهن عند الحديث مع معلماتهن . وفي حصة التربية الدينية وبينما المعلمة تشرح لهن درس آداب الحديث ، بدت السعادة على وجه إيمان وصديقاتها ؛ فرفعت يدها واقترحت على أبله أنوار، تكوين جماعة في المدرسة اسمها ( مدرسة الكلام )، قالت المعلمة : وما سبب وأهداف هذه الجماعة يا إيمان ؟ 
قالت إيمان: لاحظت وصديقاتي أن عددا كبيرا من زميلاتي لا يلتزمن بآداب الحديث في المدرسة والشارع. فاتفقنا على تكوين هذه الجماعة لنتعلم من معلماتنا وآبائنا وأخواتنا الكبار كيف نتقن الكلام والتحاور مع الآخرين ؛ ووضعنا لجماعتنا عدة أهداف ومنها : 
• أن نتكلم بلغتنا الفصحى دون تكلف .
• أن نتمهل في كلامنا أثناء الحديث .
• أن نخاطب الناس على قدر عقولهم .
• أن نختصر في الكلام وألا نطيل .
• أن نصغي جيدا لمن يحدثنا وألا نقاطعه حتى ولو خالفنا الرأي. 
• ألا نرفع أصواتنا أثناء الكلام .
قالت المعلمة : الله ؛ ما أجمل أهداف مدرسة الكلام ؛ صفقوا معي لإيمان وصديقاتها ..!
ارتسمت الفرحة على وجه إيمان وصديقاتها ؛ وقالت المعلمة : من ستشارك في 
( مدرسه الكلام ) ؟ أسرعت تلميذات فصل 5/ 1 جميعهن يرفعن أيديهن موافقات على الاشتراك في الجماعة .
وقالت سارة :ما رأيك يامعلمتي لو صممنا مجلة حائط ، نكتب عليها أهداف جماعتنا وما نجمعه من معلومات تفيدنا لتقرأها جميع تلميذات المدرسة ؟ 
بدت السعادة على وجه أبله أنوار ، فأخرجت كراسة النشاط ، وسجلت أسماء التلميذات وفكرتهن النبيلة ، ووزعت عليهن الأدوار . وبعد أسبوع واحد علقت إيمان وزميلاتها مجلة ( مدرسة الكلام ) في قلب المدرسة . كانت المجلة منسقة ومقسمة لأشكال هندسية بديعة ، مربعات ودوائر ومستطيلات ومثلثات ، وفي كل شكل كتبت واحدة أو اثنتين من التلميذات معلومة مفيدة ، غير أن ما لفت انتباه قراء المجلة هذه الأحاديث النبوية الشريفة التي كتبتها إسراء وسلوى بخط واضح ومفهوم ، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم - ( أمرنا نحن معاشر الأنبياء أن نخاطب الناس على قدر عقولهم ) .
انتشر خبر الجماعة في المدرسة،وأسرعت التلميذات للاشتراك في ( مدرسة الكلام ) ، ورحن يقرأن المجلة ويقبلن على مكتبة المدرسة ويستمعن لمعلماتهن ، وفي طابور الصباح أشادت مديرة المدرسة بجماعة ( مدرسة الكلام ) وشكرت إيمان وزميلاتها ووعدتهن بإقامة حفل رائع تقيمه المدرسة تكريما لفكرتهن النبيلة وحرصهن على تعلم ما يفيدهن ، ويفيد المدارس المجاورة التي انتقلت إليها الفكرة وأسرع تلاميذها بتبني أهداف ( مدرسة الكلام) .

==========================
صدرت  عن دار روان –القاهرة 2015م.

الجمعة، 14 يناير 2011

" أرض الزيتون "قصة للأطفال بقلم:الطيب أديب

            

" أرض الزيتون " قصة للأطفال بقلم:الطيب أديب
                  

على أطراف مدينة القدس الحبيبة ، كنت أعيش في بيتنا الجميل ، ورغم صغره فإنه يتسع لنا جميعا، أبي وأمي وإخوتي الخمسة ، وجدتي وجدي اللذين حباهما الله بحكمة وشجاعة مازلت أستمد منهما إيماني وقوتي ، وكلما نهض جدي مبكرا يصلي الصبح، أنهض من فوق سريري المجاور لسريره أتوضأ وأصلي معه ، وأشاركه إفطاره فنتناول قطع الخبز والجبن وحبات الزيتون وأكواب الشاي الأخضر ، وأنطلق معه لمزرعته الجميلة ، كنت سعيدا وأنا ألعب بين أشجار التفاح والرمان .. وكان جدي شديد الحرص على غرس أشجار الزيتون والعناية بها ، فبدت مزرعته تسر نفوس المتأملين لها ، وتفيض علينا بخير وفير ، وذات مرة سألت جدي عن سر اهتمامه الزائد بأشجار الزيتون ..؟ فقال لي : الزيتون يا بني شجرة مباركة ترمز للسلام ، وفوائدها لا تحصى ، فثمارها غذاء لنا ، وزيتها يمنحنا حيوية وطاقة تساعدنا على الصبر ومقاومة كثير من الأمراض ، ومنذ ذلك الحين أدركت سر اهتمام الفلاحين بأشجار الزيتون في المزارع القريبة من مزرعة جدي ، وفي يوم لن أنساه كان جدي غاضبا يزأر بصوت عال والفلاحون من خلفه ، يحملون فؤوسهم ،يتوعدون بمقاومة المغتصبين ، وما هي إلا ساعات حتى جاءت جحافل الجنود الصهاينة مسرعة كالذئاب المفترسة يقطعون أشجار الزيتون الجميلة ويجرفون الأرض الطيبة ، بينما جدي يحمل فأسه في شجاعة ، والفلاحون من خلفه يمنعون الذئاب من جريمتهم البشعة ، الذئاب يطلقون النار هنا وهناك ، اشتدت المقاومة .. أسرع جدي وثلاثة من رفاقه خلفهم فصدوا إحدى الجرافات حتى خر قائدها صريعا ، بينما الذئاب خلف جرافاتهم وجهوا فوهات بنادقهم صوب جدي ورفاقه ، وأطلقوا عليهم وابلا من الرصاص ، سقط جدي ورفاقه كأشجار الزيتون ، التي تهاوت على الأرض ، أسرعت إلى جدي وأنا أصرخ : أيها الجبناء لماذا تقتلون جدي، وتقطعون زيتوننا ، وتجرفون أرضنا ؟ إنها أرضنا وأرض أجدادنا ، والله لن تهنئوا في بلادنا، اقتربت من جدي ، وبينما يلفظ أنفاسه الأخيرة قال لي : الزيتون ، الوطن يا خالد ، ثم نطق بالشهادتين وصعدت روحه الطاهرة إلى خالقها .. حملت فأسه العزيزة ، وأسرع الفلاحون يحملون جثمان جدي ورفاقه الشهداء إلى بلدتنا، وهناك اجتمع أبي وإخوتي وأقراني الصغار ، وأقسمنا جميعا بألا نترك عدونا يهنأ يوما بأرضنا ، وأننا سنثأر لجدي ورفاقه ، وأرضنا الغالية وأشجار الزيتون .
==========================
صدرت  عن دار روان –القاهرة 2015م.

"النحلة العجيبة" قصة للأطفال بقلم :الطيب أديب




"النحلة العجيبة " 
 قصة للأطفال بقلم :الطيب أديب
                                                           
                                                       =================

 كلما تنتهي من واجباتها تقبل صديقتنا أسماء إلى مكتبتها الجميلة ؛ في حجرة البيت ، تقرأ القصص المفيدة ، وتطالع قصص الحيوان والحشرات والنبات، التي تهوى اقتناءها في مكتبة البيت ، وبعدما تنتهي من القراءة ، تستأذن والدها ووالدتها ، وتخرج من البيت إلى مزرعة والدها الواسعة القريبة من البيت، تتابع أسراب خلية النحل التي يربيها والدها في المزرعة ؛ ولفت انتباهها ، براعة النحل في بناء خليته بشكل هندسي بديع . وأقبلت أسماء تقرأ في مكتبتها عن أسرار حياة النحل وفوائده ، وراحت تسجل ما كونته من معلومات ومشاهدات على الطبيعة ، فكتبت أسماء تقول: (خص الله سبحانه وتعالى النحل بسورة كاملة في القرآن الكريم تحمل اسمه ، على الرغم من ذكر النحل في آية واحدة فيها  في قوله سبحانه وتعالى :( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون * ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن ذلك لآية لقوم يتفكرون )  . "سورة النحل آية : 68 –69 "

 وفي مدرستها حكت أسماء لمعلمتها ما قرأته وشاهدته بنفسها فأشارت عليها أبله إيمان بتصميم مجلة حائط تسجل عليها ما كونته من معلومات مفيدة لزميلاتها ..بدت السعادة على وجه أسماء وزميلاتها اللائي شاركنها تصميم مجلة الحائط فقمن معا بتزيينها بالرسومات والصور الجميلة ، وكتبت أسماء كل ما جمعته من معلومات عن النحل وفوائده ومشتقاته ومما كتبته :

(النحلة حشرة جميلة وعجيبة ، منحها الله تعالى قدرة فائقة على النظام والنظافة وجمال الذوق ، وألهمها القدرة على هندسة بيتها الذي تبنيه على الجبال أو فوق الأشجار، وهي صديقة للإنسان ، تجمع رحيق الورد ولقاح الأزهار لتتغذى عليها ثم تخرجها لنا شرابا حلوا وممتعا نستخدمه كغذاء وشفاء لنا من أمراض عديدة . وتضع ملكة النحل عددا كبيرا من البيض  ، يقارب عشرة آلاف بيضة دفعة واحدة ؛ وتهتم الوصيفات بخدمة الملكة ، ويعيش النحل في  مجتمع متعاون ومخلص ويدافع بشراسة عن خليته ولا تستطيع النحلة الحياة بمفردها بعيدا عن مجتمعها .
ويخرج من بطون النحل ألوان مختلفة من الأشربة المفيدة ومنها :

* عسل النحل ، الذي نستمد منه القوة والنشاط والحيوية ويقينا من أمراض عديدة .
* سم النحل ؛ وهو سائل شفاف ، مر الطعم ، لاذع النكهة ، يخرج من النحلة عبر آلة  اللسع ، وهو يشفي من أمراض عديدة كالروماتيزم وآلام المفاصل ، ويحتوي على أحماض ومعادن وبروتينات ، ويستخدم كمطهر قوي وفعال .

* لبن النحل ؛ وهو معقم وقوي ؛ ويفيد في إعادة بناء جسم الإنسان ويمنحه النشاط والحيوية والطاقة المتجددة . وكلما تقدم العلم اكتشف مستخلصات جديدة  ومفيدة من جسم النحلة الصغير، الذي خلقه الله وأبدع في صنعه . 

============================
من مجموعتي ( أرض الزيتون)-صدرت عن دار روان-القاهرة 2015م.

" الفنان " قصة للأطفال بقلم :الطيب أديب



" الفنان "  

قصة للأطفال بقلم :الطيب أديب

بعدما ينتهي من واجباته المدرسية ، يجلس في حديقة المنزل يرسم بفرشاته وألوانه الجميلة حيوانات وطيور وزهور ومناظر رائعة . سألته أمه عن سر اهتمامه بالرسم الذي يقضي معه وقتا طويلا فطمآنها حاتم وأخبرها بأنه يهتم بدروسه قبل أن يمارس هوايته المفضلة ،وأنه سوف يكون فنانا كبيرا إن شاء الله ، جاء أبوه فوجد حاتماً منهمكا كالعادة في فنه فتركه على حاله .
وفي الصباح حمل والده بعضا من رسوماته الجميلة قاصدا مدرسة حاتم ، وهناك استقبله أخصائي المدرسة فسره ما سمع وما رأى ،وجاء مدرس التربية الفنية وقلب الرسومات جيدا وشكر والد حاتم وأخبره بأن ابنه فنان ، وسيكون له شأن عظيم،وطلب مدير المدرسة باقي الأعمال الفنية التي رسمها حاتم ..وأقامت له المدرسة معرضا فنيا رائعا وكرمته لموهبته وتفوقه في دراسته وهواياته المفيدة .
وظل حاتم متفوقا في جميع مراحله التعليمية حتى حصل على الشهادة الثانوية بتفوق فالتحق بكلية الفنون الجميلة كما كان يتمنى .
 زادته المرحلة الجديدة خبرة وثقة بنفسه فقرأ كثيرا في أنواع الفنون والتاريخ والمعارف والعلوم وظل يتفقد الآثار الجميلة والمتاحف ، ويحرص ـ  بدأب وصبر ـ على الرسم بفرشاته فتخرج من تحتها لوحات رائعة وجميلة تبهر الناظرين .
 وفي السنة النهائية كان ترتيبه من الأوائل فاختارت الكلية بعض أعماله الفنية الرائعة لترصع بها جدرانها ، وتزين فناءها الواسع تكريما وتقديرا له ؛ وأصبح حاتم فنانا كبيرا يشترك بأعماله الرائعة في المعارض الكبرى !
 أما أبو حاتم فكان فخورا بابنه " الفنان " وهو يتابع أخباره وأعماله التي 
تملأ الصحف والمجلات .
                         *******************************
نشرت مصورة في كتيب  ضمن سلسلة القراءة المفيدة –دار روان للنشر 2004م.